Tuesday, November 25, 2008

في هذه اللحظة تحديدا


في هذه اللحظة , في هذه اللحظة تحديدا ستكون حياتي مشاعا سيستطيع الجميع ان يري
صفحة قلبي بوضوح و يشاهدوا كل ما حاولت طوال هذه السنين اخفاءه سيعرف من احببت اني
احببتهم حتي صرت اهذي في الطرقات و ان كلامي الفكاهي كان بقايا نكاتهم التي افقدتني
وعيي من شدة الضحك او بقايا النكات التي تمنيت ان القيها عليهم ظنا مني انهم
سيضحكوا لبرهة و يتذكروني بها فيما بعد , لم القي عليهم ايا من هذي النكات علي اية
حال, كذلك سيعرف الذين كرهتهم جدا اني كرهتهم بالفعل رغم ظنهم الاخمق ان قلبي لا قدرة
له علي الكره او ربما كانت قدرته في هذه المساحة محدودة سيعرفوا في هذه اللحظة
تحدايدا ان طاقة الكراهية بهذا القلب الصغير اكبر بكثير من تصوراتهم المحدودة
سيكتشف الذين لم يجدوا القدرة علي حبي رغم محاولاتي المستميتة ان كل ما كانوا
يبحثوا عنه داخلي و لم يجدوه كنت اخفيه داخلهم و اعوض سكوتي بكلامهم و خوفي بجراتهم
و غبائي ببديهتهم و حبي بقسوتهم لهذا لو كانوا فكروا جيدا لوجدوا اني النصف المكمل
لهم بالفعل ربما حينها كان من الممكن ان اكتمل انا الاخري الا انهم لم يدركوا كل
هذا و لم يفهموا المفارقة الصغيرة فانتهيت بفقدان اجزاء اخري من صورتي لاصير اكثر
غياما مما قبل و يظل من يأتي بعدهم يبحث عن اشياء اكثر داخلي لن تكون موجودة

في هذه اللحظة تحديدا ستجد امي صورتها تشغل مساحة كبيرة في قلبي عكس ما ظنت و عكس
ما زعمت طوال هذه السنين اما بلادي فساكتشف ان لا مساحة لها علي الاطلاق بقلبي انا
لا وطن لي بالاساس و حين يكتشف اصدقائي المثقفين و الوطنين هذا سيكرهونني بالضرورة
ربما لن يمشي احدا منهم بجنازتي و ربما لن ابالي انا حينها

ربما سيتسرب الوجع من دمي تدريجيا قد اعرف حينها السكون لست واثقة من هذا تحديدا
لكني اتصور اني سافقد كل شيئ تدريجيا و هكذا فمن المنطقي جدا ان افقد الوجع
بالتدريج ايضا ساحاول الا افكر فيما بعد هذه اللحظة ساتصور مثلا اني ساصير فراشة
الا اني لا احب الفراشات كما انهم يحترقوا بسهولة لكن وقع الكلمة جميل و خفيف لذلك
ساتصور اني ساصير فراشة اعتقد ان هذه النهاية ستكون سعيدة و عادلة نهاية خفيفة و
ملونة و مملة و قابلة للاحتراق
ساكتب عن اشياء كثيرة و سيصدقها الكثيرون فلا اصدق من ميت بالطبع ساكتب عن السجلئر
التي اطفئتها في عيون من احببت و الاطفال الصغار الذيت تعلقوا بي كثيرا و ذبحتهم
بلا رحمة و عن الشراب السحري الذي اعددته للمحبين المغيبيين من دماء هؤلا الاطفال
ساكتب ايضا عن بطولاتي الكثيرة و الفتاة التي انقذتها من الاغتصاب و الكلب الذي
حررته من ذاته و استطعت ان الحقه بالشرطة فصار ضابطا شجاعا و القي القبض علي كل من
رغبت فقط في اذلالهساكتب ايضا عن عملي كسائسة في كافة الشوارع و المرور الذي نظمته كثيرا , ساكتب عن
البراندي و عن الحشيش و المخدر و عن ذكرياتي اثناء اصابتي بالفصام و عن الشخصيات
التي انتحلتني و اركتبت باسمي جرائم كثيرة ساكتب عن هلوساتي العبقرية و صوتي الذي
طالما كان عاليا في الحق , المظاهرات التي شاركت فيها , المظاهرات التي نظمتها ,
الحكم الذي قلبته عشر مرات علي الاقل و الحكومات العديدة التي ترفعت عن رئاستها
, العالم الذي غيرت خريطته و البلدان التي طفتها ساكتب عن الشوارع التي
طالما اصابتني بالفزع كلما نظرت للسماء و سرت منتشية بالهواء توقظني يد او كلمة
بذيئة فاجري لاتخلص من الطريق ساكتب عن اصدقائي كثيرا اولئك الذين افقدهم واحدا تلو
الاخر و عن وجهي الذي عذبني ببرائته و شوه روحي عن عمد ربما لا يعرف الكثيرون
اني اكره وجهي جدا سيعرفون حينها ربما في هذه اللحظة ساكون لا بلامح

ساوصي الجميع الا يؤمنوا بشيئ اذ لا شئ يستحق الايمان به لن اوصيهم ان يبكوا او لا
يبكوا علي لا اتصور ان لا احدا غير امي و ابي سيبكي علي بالفعل اما من يتكرم بدمعة
او اثنتان فسيكون له من التطهر بدمعه ما يكفي من جزاء لذا لن اشكر احد هل سيأتي اخي
من البلاد البعيدة؟؟؟ لم يحضر الزفاف فهل سياتي علي شرف الجثة؟؟!!

و السيدة البعيدة التي دائما ما كانت ترقبني ستاتي في زيها الاسود الوقور ترتدي
نظارتها السوداء و تخفي نصف الوجه الاعلي بالدانتيلا السوداء ربما ستضع ايشارب اسود
كذلك ليخفي نصف الشعر و يظهر نصفه الاخر فاتح اللون ستبدو فاتنة جدا , فاتنة و
حزينة ستقف من بعيد دون ان تسلم علي احد او تتعرف علي احد تبكي بشموخ و تدخن سيجارة
اخيرة علي روحي ربما ستقلع بعدها عن التدخين و الدخان الطائر من سيجارتها سيتشكل
علي هئية غربان بعيدة يعلو صوتها لاسمعه و انتشي ينبغي ان تحضر الغربان في هذه
اللحظة تحديدا

بائع الجرائد الذي طالما عرفني و انا صغيرة اذ كنت اجلس بجواره انتظر صديقتي لنذهب
سويا الي المدرسة سيحزن علّي كثيرا ربما يبكي كثيرا ايضا دموعه ستكون طيبة و دافئة
سيبكي الصغيرة التي لا يعرف اسمها لن يتصور ان كبرت كثيرا و لن يتصور ان ملامحي
تغيرت فقط سيحزن علي هذه الصغيرة التي رحلت بلا مبرر منطقي ربما يكون بائع الجرائد
قد مات منذ زمن بعيد اعتقد اني لم اره من فترة لكني لا امر علي شوارع الذكريات
كثيرا لاني انشغل عنها بمحاولة خلق ذكريات

جارتي التي ماتت علي يدي و انا اقول ينبغي احضار الطبيب لن تلومني علي ما اعتقد
تعرف جيدا انه لم يكن باستطاعتي ابدا ان اقر بمفردي انها قد ماتت بالفعل كان لابد
من راي خبير في الموت
بالطبع ساكتب عن قطي المسكين الذي القيت به بيدي الخائنتين الي الشوارع القاتلة هذا
القط الطيب الذي احبني كان ينام علي ركبتي كطفلي و انا لا احب الاطفال كما لا
احب الامومة كان يجري تجاه صوتي و كان صوتي مضللا و كان ينظر لي بفزع و ثقة يستنجد
بي في لحظة دفئه الاخيرة هكذا دفعته بشفقة الي جحيم الشوارع ربما يكون قد مات ربما
اقابله هناك ربما يرفض ان يراني هناك ستكون اظافري مقضومة و قلبي مقضوم لذلك لن تعرفوا الحقيقة كاملة كما لن اكتب عما
تودوا ان تعرفوه بالفعل
ساحاول ان اكون صادقة في موتي ساحاول بالفعل ان اتخلص من ادعاءاتي و لن اسمح لنفسي
باختلاق خرافات جديدة عن نفسي و عن الشوارع التي امر بها فتتحول خرابات او فراديس و
عن اطفال الشوارع الذين يعرفونني انا تحديدا و يحبونني انا تحديدا و يبوحوا لي وحدي
باسرارهم و اسرار الشوارع و عن البحر الذي يتنكر كل ليلة في صورة امير و ياتي
لغرفتي و عن العصفور الذي قتلته و عن القط الذي هو انا و عن العيون التي تظهر لي
بالظلام و الاصوات التي تشدني للفراغ و عن العشق الذي احمله و عن الجدران التي
تتشكل كلما حاولت الهروب, و عن الباليه الذي اجيده لكني لن اكتب عما تودوا
حقا ان تعرفوه

3 comments:

كرما said...

جميل يا مروة
نص حقيقي

محمد الشلفي said...

خفيفة و
ملونة و قابلة للاحتراق

ما كتبتِ هنا سفَرْ بانتظار ما لا يعرف.

ودي

juliet said...

ألهمتني كلماتك ..