Monday, March 26, 2007

كمان وحيد




دائما ما احببت القطار البعيد,حيث يرحل الغرباء , الغرباء الذين ليسوا الا ابتسامة
بعيدة و سترة متربة,الغرباء الذين يدهسون اصابعك المتشبثة بالبقاء ثم يرحلوا مخلفين
وراءهم غربة اخري , تحبينهم و كانهم جاءووا ليبقوا و تتذكريهم و كأنهم لم يرحلوا ابدا

اكتب عن بنت وحيدة لا تراها عيون الناس تمسك مسبحة وحيدة مثلها و تعد ايامها فوق
حباتها تتذوق طعم الرحيل كل صباح و طعم الخريف كل ليل ملت الاحلام فتخلت عن اسم
منحته لها العرافة يوم ما و تنازلت عن كونها حلم ليلة صيف و الان تواجه ايامها
عارية بدون اسماء ترفض ان تدون تاريخها في يومياتهم البالية ذلك ان الزمن لم يعد
كافيا ليحوي انكسارتها رفضت محاولات الاصدقاء للذهاب الي ورش العمل و تمرير شئ سحري
كالكتابة الي حافظتها1ذلك انه ليس من المهم ان تمارس طقوس النجاح و لكنه من الضروري
جدا ان تفشل بجداااارة
تتذكر زمنا كانت فيه رحيل و كان هو فيه يوسف و كان ابوها شيخ كبير ,الان ابوها شيخ
ضرير و هي عصاه البالية لا ترقي حتي لازاحة الكلاب عن طريقه لكنها مازلت تحب
الغرباء , و لكن ماذا لو لم تقتلها الوحدة بصورة كافية للخلاص؟؟!!و ظلت تتامل يديها الوحيديتين و تستعيد صور الغرباء؟؟ و ماذا لو ظلت صورته لوقت
اطول من هذا تكسو حبات المسبحة كيف ستستطيع اذن ان تعد ايامها الذاهباات؟؟كيف ستعرف
ايامها اصلا؟
ليس الطاغوت هو من شكك في حبها لله و لكنهم الناس العاديون الذين يمرون بذنوبهم
يوميا امام واجهات المحلات المغبشة و كذلك امام السيارات العابرة دون ان يخافوا ان
تدهسهم بل و الادهي من ذلك انهم يمرون بذنوبهم بصورة يومية امام الله دون ان يصيبهم
الخجل فقط يذكرون امام الله ذنوبها و يدعوا ان تختفي تماما من ازمتهم اليومية مع
المصرفيين و مع بابهم الي التوبة

لكنها الان تخشي ان تمارس حقدها علي العاشقين ا و ان يقف قلبها المكسور حاجزا بينها
و بين الله , ربما لو لم يكن اسمرا هكذا لما استطاع ان ينساها بصورة فورية و ربما
ايضا لو لم يكن ظله بهذا الطول لكان قلبه اكثر نقاءا اما هي فعلي الشوارع وزر
الغبار العالق بقلبها و علي الغرباء وزر الوحدة المتاخمة لظلها او الاقرب منه قليلا
اليها اما انتم الاقربون الي الله من قلبها و صورته و ظلهم المبتور سويا فعليكم ان
تحددوا مكانتها من الله ,ان تقفوا ان استطتعتم بين مغفرته و بينها و ان تلقوها
بالحجر او تمنعوها من دخول المساجد او ربما كان من الافضل لو قايضتم المصرفيين علي
ظلها او علي شعرها المنسدل دون سبب واضح مستقيم دون تجاعيد ربما ايضا يمكنكم مقايضة
ذنوبكم بذنوبها او مقايضة السماء بين هتك سرها و بعض الحسنات التي تعرفون جيدا انها
لن تنفعكم اصلا لكن ربما يضع هذا نهاية لائقة لقصة بنت وحيدة تعتقد ان عيون الناس
لا تراها و تمسك مسبحة تحمل صورته دائما
,
احكي عن بنت ملا عيونها الخجل فاصبحت عيون الناس لا ترها ,لم تعرف جيدا كيف تعبر
الشارع لذا كان عليها دوما ان تسير بمحاذاة الرصيف و تمد عيونها بعيدا الي ظله ,
ربما استاطعت الارصفة ان تقربها قليلا من اطفال الشوارع و ان تري داخل قلوبهم
الصغيرة ان افواههم التي تلقي نيران ( البنزين ) الي عيونكم اطهر كثيرا من اياديكم
البيضاء و اقرب اليها الف مرة من ظله البعيد , لم تكن صغيرة بما يكفي لتمارس معهم
الطفولة تحت المطر لكنهم كذلك لم يلحظوا التجاعيد بقلبها فكانت اللوحة جيدة ربما لو
لم يملاها اللون الرصاصي هكذا لكان من الممكن ان تشرق شمس علي الفور باطراف اللوحة
, لكنها هي الاخري كانت تعرف بذنوبها و تخجل كثيرا من الله و حين تنكس راسها و يصطدم
نظرها بالاسفلت تنفلق الدمعة نصفين و لا يراها الناس و تمد بصرها الخجل خلسة الي
ظله البعيد, كان بامكانها هي الاخري ان تتدعي انها ليست هي و ان ظلا دخيل ليس له
علاقة بظلها هو الفاعل و ان تمشي يوميا تحت عيون الله بفخر كامل باحثة _عن بنت اخري
وحيدة _لتمتعض جدا من ذنوبها و تسساءل كيف يمكنها ان تمشي هكذا بذنوبها امام عيون
الناس !!!!لكنها كانت تعرف قلبها اكثر من اللازم و تدري ان الظل لا يرتكب الذنوب ,
كذلك كانت تعرف ان ظله لن يستطيع التعرف عليها و لا مشاركتها المحبة و علامات
الهيام , كانت تعرف ان ظله ميتا كارصفة الشوارع لا يمكن ان تصادقه او تشعر تجاهه
بالامان , و ان الخطوات البعيدة تسلب الذكريات يوميا ما يمكن ان تثير به ظلا ما
ليستحث صاحبه علي النظر قليلا للخلف , لكن هذا لم يمنعها ابدا من ان تمد بصرها خلسة
الي ظله و لو حتي من خلف دموعها المكسورة , كذلك ظلت رغما عنها تحب الناس و لو لم
يرونها و تحاول جاهدة ان تقنعهم ان اثامها ليست باكثر من زبد البحر بالكثير و انها
ستحاول كذلك ان تخفيها عن عيونهم و ستسال الله يوميا في صلاتها ان تختفي ذنوبها
تماما من طريقهم الي المصرفيين و الا تحول بينهم و بين بابهم الي الجنة
اكتب عن بنت ملأ الخجل عيونها فاصبحت عيون الناس لا تراها

4 comments:

محمد صلاح العزب said...

جميل يا مروة
جميل بجد

Anonymous said...

يتنافس النص مع الصورة في خلق جو خاص بك يا ذات البعد المتوحد في الحياة

استغرقي أكثر في وحدتك، لنتلصص نحنُ على جمالياتِ السرد الذي ينفلتُ من بين يديكِ في ظاهرةٍ واضحةٍ للوحدةِ المثمرة، أدبياً على الأقل

شكراً لوجودك في طريقي

Man said...

Marwa, nice as usual
there is something in your words affect me but i can recognize it
can you tell me what is it?

إبـراهيم ... said...

أنا كان ليا شرف إني قريت النص ده قبل كده ... وعاجبني جــدًا ( ولا يزال) ... إنتي فعلاً كتاباتـك رااائعة يا دكتورة


خالص تحياااااااتي


وخلينا نشووووفـــك