Monday, April 16, 2007

العين السوداء




ساتركك الان تلهو , وحيدا , جميلا , وضاحكا . اسمع
صوت الصحراء و الهواء و لقاءهما
المحموم دائما , صوت وحشتك الذي لم تدركه بعد .
تضحك كثيرا انت و انا ارقبك عن بعد
, وراءك , امامك ,
حولك.
سيحاولون حمايتك كثيرا , يوم ولدت اخفوك عن العيون ثلاث
اشهر كاملة و للان ترتدي
خرزتك الزرقاء . لا احد يحبك مثلي , كم مرة حاول النمل
القضاء عليك و نفضته بعيدا
عنك برفق بالغ ؟؟!!! حرارة الشمس ايضا اصابتك
بهلوسات عدة , ظننت حينها انك تراني ,
ظننت ايضا انك اجببتني لكنك فزعت لمجرد
رؤيتي , لا تقلق لم اغضب منك .

تضحك كثيرا انت , تالف الاشياء بسرعة مبهرة .
النجوم الغبية تتوقع الاستئثار بك
لمجرد سهرك ليلال عدة في محاولة احصاءها و
البنات الجميلات يرقصن كثيرا امامك و
يصوبن عيونهن الحوراء صوب عينيك
.


لا احد يمتلك عيوني و لا احد يسمع صوت الصحراء
بداخلك سواي .


انظر وقتك قد ان الان , مكتوب هكذا في اللوح
المحفوظ , لكني سامهلك قليلا لتلهو
اكثر , لالاتامل وجهك العجيب هذا , وحيدا ,
جميلا , وضاحكا . ضوضاءك ترتفع الان ,
صحراءك تبالغ في الاتساع و البنات
الجميلات لا يغرينك بالتعري لكن الوجوه الغائبة
لا تغريك كذلك بالرحيل . عابث
انت كطفل صغير جميل و احمق بامكانه الجلوس ساعات
طويلة تحت الشمس يلهو برمل
الصحراء و يرقص علي صوت وحشته .


اصدقاءك يعرفونني جيدا و لا اروقهم علي الاطلاق ,
لا احد منهم مثلا ينعتني بالعين
السوداء الطيبة . لو تعرف كم ليلة سهرت هكذا لا
افعل شئ سوي ان اتاملك , اصد عنك
الحمي و خطايا الرغبة , و في الطرقات اصد عنك
العربات الطائشة , ماذا فعلوا
لك؟؟؟؟

انظر هذا الجسد الملقي بالطرقات كان من الممكن جدا ان
يكون لك , لكنك انت الابيض ,
هكذا اراك دوما و اصد عنك كل الالوان الاخري .

ربما تكرهني انت الاخر حين يلوكوني بالسنتهم
العطنة , مازلت اذكر نظرتك الفزعة حين
لمحتني يوم الحمي , اسامحك الان ,لا تفزع
, سامهلك قليلا لتلهو .
ان تكبر امام
عيني هكذا و انت الموعود لي منذ يوم
ميلادك , اتدري كم يعني هذا لي؟؟؟!!!!! كان من
الممكن جدا ان تكون ولدي , عيونك
ايضا سوداء , واسعة و جميلة و وحيد انت انت دائما
, سارحا و سعيدا , تنتظر شيئا
لم تدركه بعد و ضجيج مبهم ينبعث دوما من صدرك , اود
ان اعتقد انك هكذا تخاطبني
, وحدي اسمع صحراءك بالداخل .



لا تسمع لهم حين يقولون عين سوداء شريرة و لا
تلتفت للتعاويذ البلهاء التي يصيغوها
كثيرا لاموت .
ممرن نفسك مثلي علي
الرؤية الاعمق و افهم اني فقط كذويك اؤدي
عملي . كم امهلتك لتلهو قليلا , كم
صددت عنك الحمي و العربات الطائشة , ارايت كم
طيبة انا ؟!!
هم عشاق الضوضاء
و الاضواء القاتلة , عاشقو البنات و الدجل , صخب
في عيونهم , صخب في السنتهم ,
صخب في قلوبهم الجاهلة . لكنك ولدي هادئ , وحيد ,
ضاحك و رصين , اود ان اراك
دائما هكذا , لكني اخاف عليك من الناس , اتدرك كم انت
جميل؟! قد ياكلوك , يضعوا
رموشك كحلا بعيونهم العمياء . و الشمس كذلك قد تسرق ضحكتك
البيضاء . انظر كم
تعج بهم الطرقات؟! لهاث في ركضهم , لهاث في مشيهم , لهاث في
نومهم. لكنك انت
ولدي و انا دائما ارقبك عن بعد , وراءك , امامك , حولك
.

6 comments:

إبـراهيم ... said...

هوا من بعد البوست اللي فات للبوست ده ، يبقى الحـالة بتتواصـل بثراااء يا مـروة ....


بس هذه المـرة بشكـل أكبر ، وأكثر جمالاً وتفصيلاً
.
.
فرحان لكون مروري هنـا الأول :) ...
وعلى كرة البنات عااادة(يصوبن ) عيونهن

ماشي :)
سلاااام بقى

Marwa abu daif said...

ابراهيم منور كالعادة
و شكرا للملحوظة يا ياشا:)

nael eltoukhy said...

نص مرعب، الرعب الاعظم هو الرعب الطيب، هو الرعاية التي تطمح للأذى، لا أحد يعرف ما الذي ترغب فيه هذه العين بالتحديد، ولكنها مؤذية، وأذاها لا يأخذ شكلا واقعيا، أذاها يظل بعيدا عن متناول اللغة، يحصن نفسه أمام فهم البشر وإدراكهم، ويحيط نفسه بالطيبة وحب ضحيتها، موضوع أذاها الرقيق. أذاها لا يتم التعبير عنه سوى في الرقابة، هي ترى ولا يراها أحد، وترى موضوعها بالتحديد، تراقبه من جميع الاتجاهات، العين، بوصفها آداة للنظر فحسب، تتحول إلى الشرير الذي يترصدنا، الشر يكمن في النظر فحسب، والنظر لا يمكن تحديده، أهو نظر للإيذاء أم للرعاية، ولكن حتى الرعاية هنا تصبح كابوسا. هذه الطيبة، صد العربات الطائشة بالتحديد، محاولة احتكار طفلها الذي تراقبه، احتكار فهمه وسمع صوت الصحراء بداخله، هي ما تزيد قتامة العين، رعبها وكابوسيتها، ومعها الكتابة بالطبع
كتابة مبهرة

Anonymous said...

انت و صديقتك الالمانيه نضجتم جدا, يا هل تري مادا يحمل الغد لكما؟

MHMD KORNA said...

النص جميل أوي يا مروة

وبيقترب في مناطق كتير من نثرية ممكن أسمح لها تسمى شعرا

شكرا لإمتاعي يا ذات العيون السوداء الطيبة

:)

Man said...

nice ya marwa